تتأكد، حالياً وقبل أي وقت مضى، أهمية التعاون بين الدول لتحديد الأهداف الاستراتيجية المشتركة لأنظمة الطاقة الفعالة، والآمنة، فضلا عن تطبيق الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك· وتشير التقديرات وأرقام الإحصائيات الى أنه من المتوقع أن يصل تعداد سكان العالم في عام 2050 إلى 9 مليارات نسمة، وستكون أعلى وأسرع معدلات النمو مسجلة في الدول الفقيرة· ولاشك في أن تصاعد الضغوط الواقعة على الأرض سيؤدي الى نتائج وآثار سلبية على العالم أجمع، الأمر الذي يتطلب تعزيز فعالية مصادر الطاقة، وتطوير ونشر مصادر وأنظمة جديدة لإمدادات الطاقة، إضافة إلى تركيز البحث على مجالات الطاقة التي يتوجب التوسع فيها· وبنفس الدرجة، العمل على زيادة كفاءة الإنتاج والاستخدام العالمي لجميع مصادر الطاقة· وإذا كان ذلك يعد إسهاماً فعالاً لمواجهة تحديات الطاقة العالمية، فإن تنفيذ التدابير اللازمة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة سيتوقف الى حد ما على خيارات التمويل والمعرفة التكنولوجية· وتأتي في مقدمة الأولويات الاستراتيجية المشتركة بين دول العالم قضية الاستهلاك الخاص للطاقة، خاصة وأن الإحصائيات تشير إلى أن 27 في المائة من الطاقة يتم استهلاكها من قبل الأسر في المنازل والمجمعات السكنية، وأن هناك الكثير من الحلول التكنولوجية التي يمكن اتباعها لتحسين آداء طاقة المباني والمنازل· ومن النقاط الأخرى الهامة كذلك كفاءة وفعالية وسائل النقل والوقود البديل، في ظل بيانات تقول إن هنالك 600 مليون سيارة نقل حول العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام ·2020 وهنا تظهر أهمية الابتكار لإنتاج محركات خاصة تعمل وفق معايير كفاءة الطاقة، وأنواع الوقود البديلة، ونظم النقل المتكاملة· وتمثل تكنولوجيا الطاقة الكهربائية الحديثة سبيلا آخر للمواجهة والعلاج، ومن المتوقع في هذا الشأن أن يواصل الوقود الأحفوري سيطرته على إنتاج الكهرباء للعقدين الكاملين· في حين ثبت أن أفضل محطات توليد الطاقة الكهربائية والعاملة بالفحم تحقق نسب كفاءة عالية، ومما لاشك فيه أن تحديث محطات الطاقة القديمة سيساهم في حفظ الطاقة، والتقليل من انبعاثات الكربون· ويعد كل من البحث والابتكار من أهم المفاتيح الأساسية لتحسين وتطوير مجالات الطاقة المختلفة، والقضاء على التحديات والمشاكل التي تواجه المستهلكين والمنتجين، مثل تقطع إمداد مصادر الطاقة المتجددة· ويؤكد الخبراء الحاجة الماسّة لإجراء البحوث والدراسات العلمية حول تلك القضايا الهامة، وضرورة تعزيز وتشجيع مثل تلك الدراسات التي تثمر حلولا تكنولوجية فعالة لحل مشكلة الطاقة في العالم· وتتأكد أهمية المحاور السابقة للحفاظ على مصادر الطاقة وأمنها، في ظل التوقعات التي أطلقها مسؤولون في وزارة الطاقة الأميركية، وتشير إلى أن معدل الطلب العالمي على النفط والمنتجات المُكررة سينمو بمعدل أبطأ من المعتاد بعد عام ،2015 وأن الأسعار ستشهد قفزة نوعية لتصل أعلى مستوى لها عند 95 دولارا أميركيا عن البرميل الواحد خلال الربع القادم من القرن الحالي· وأشار المسؤولون كذلك الى أن حصة الاستهلاك العالمي من النفط والمنتجات المكررة ستقل من 38 في المائة في عام 2004 الى 34 في المائة العام المقبل· ليس هذا فحسب، بل تنبأت وكالة الطاقة الأميركية بأن تهبط أسعار براميل النفط الى 49 دولارا للبرميل في عام ،2014 ومن ثم ستشهد ارتفاعاً مرة أخرى ليصل سعر البرميل الواحد الى 59 دولارا بحلول عام ·2030 وكان تقرير وزارة الطاقة الأميركية قد قدم تقديرات عن الطلب العالمي على الطاقة بجميع مصادرها، كالنفط والغاز الطبيعي، والفحم، ومصادر الطاقة المتجددة والنووية· وأشار التقرير الى أن الطلب العالمي على مصادر الطاقة تلك سيشهد ارتفاعاً بنسبة 67 في المائة خلال الخمسة والعشرين عاما القادمة· وفي الفترة ذاتها، سترتفع حصة العالم في الطلب على الفحم من 26 في المائة في عام 2004 الى 28 في المائة، وأشارت الأرقام إلى أنها أسرع نسبة نمو على الطلب بين مصادر الطاقة الأخرى·